Sunday, August 13, 2017

ما الذي شعر به أبي في دقائقه الأخيرة؟


.لقد علمتُ أن الرصاصة التي بدأت رحلتها السعيدة من الجهة اليسري لجهة اليمني في عنقه لم تقتله في الحال
لقد مكث ابي تقريبا ما يقارب ٣٠ دقيقة او يزيد علي قيد الحياة منتظرا الرصاصة الميري أن تشق طريقها كاملا بداخل عنقه دون أن تقطع كل شباك آماله في أن يرتقي و أن تصل لنهاية رحلتها بسلام فيفوز كلاهما
 تلك الرحلة بداخل عنقه لم تكن رحلة مملة أو لا تستحق المغامرة،لقد وجدت الرصاصة كل ما تأمله و تريده خلال رحلتها،وجدت شجاعة حرة،وكبرياء، و روح جميلة خفيفة وأحلام تابعة لوطن ضائع مشتت و مقسم و مُباع
وجدت سلام داخلي و كرم شديد،وجدت حقول أرز و كُتٙاب،وجدت صورة لجدي و جدتي..
 تلعثمت ايضا تلك الرصاصة في هتافات كثيرة و حنجرة ذابت من كثرة النباح و من محاولات بصوت مبحوح لنطق الشهادة،تاهت في أعماقه حتي قابلت الغزالي و رسول الله،تجولت في قلبه فوجدت خمس نساء،مرت علي جميع المدن التي زارها ناشرا فيها الإسلام،ثم كانت اخر محطاتها عند ابتسامات كل الشهداء الذين طبع صورهم منذ يناير حتي اغسطس
.تلك الرحلة التي ربما في مقياس زماننا لم تأخذ ثانية واحدة،فعند مقياس زمان الرصاصة لم تكن قصيرة كما تبدو
.و سواء كانت قصيرة ام طويلة،فإنها بلا شك رحلة سعيدة بالنسبة لرصاصة وجدت كل ما تتمني

ولكن يظل السؤال قائم،ما الذي شعر به أبي في دقائقه الأخيرة؟
لم يشعر إلا بقرصة خفيفة كقرصة البعوضة، لم يشعر سوي بأنه قد غُفر له منذ أول قطرة سالت من دمه،لم يري سوي مقعده من الجنة،أمن من الفزع الأكبر،و وضع على رأسه تاج الوقار،و كان فرحا و مبتسما بما كرمه الله من فضله.
:يقول تعالي
وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا ۚ بَلْ أَحْيَاءٌ عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ
.تلك الرحلة لم تكن النهاية،بل كانت دائما وستظل كل البداية


No comments:

Post a Comment

لماذا نعشق كرة القدم؟

  صادفتنيي تغريدة أحدهم مستنكرًا سبب “ هوس ” الناس بمبارايات كرة القدم لدرجة إلغاء مواعيدهم و أشغالهم في نفس توقيت ديربي م...