Sunday, December 6, 2020

٢٠٢٠ العام السائل


٢٠٢٠ العام السائل



الحياة هو مصطلح عام و واسع و سائل.عندما يسمع شخص ما كلمة سائل ، قد يفكر في الكيمياء أو الماء أو المجتمع ولكن هذا ما يعتقده زيجمونت بومان في الحياة حيث تكون الحياة السائلة هي الشكل الجديد للحياة الذي يمكن أن نعيشه في مجتمع حديث سائل.

 

هناك مفهومان يقاربهما بومان في كتابه في هذه المسألة وهما "الحداثة السائلة" و "الحياة السائلة". فهو يصف شكلاً جديدًا للمجتمع ، وهو مجتمع يتصرف فيه الفرد ويتغير بشكل أسرع للاندماج والتكيف مع العادات والروتين. حيث تؤثر سيولة الحياة والمجتمع على بعضهما البعض. لذلك ، هناك انتقال من الحداثة "الصلبة" إلى "السائلة".

 

يمكن أن يكون عام ٢٠٢٠ عامًا مليئًا بالسيولة نظرًا لأنه أوجد بيئة أخرى مليئة بالتحديات في حياة الفرد، حيث واجه الناس سلسلة من الصعوبات والتحديات التي لم يسبق لها مثيل من قبل و كانت لا تمتلك الهياكل والمؤسسات الاجتماعية في هذه المرحلة من جائحة الفيروس كورونا أدوات كافية لتغطية الاحتياجات الفردية للاستقرار الاجتماعي واستقرار المادي ، لذا فأنت كفرد يعيش في العام السائل  بحاجة إلى اكتشاف طرق بديلة للبقاء على قيد الحياة 

 

 
في الحياة السائلة في المجتمع الحديث السائل ، لا يمكن للأفراد والمؤسسات الحفاظ على شكلها و مسارها  لفترة طويلة.
لقد شهدنا كيف في عام ٢٠٢٠ كيف لم يكن من الممكن ان تبقى انجازات الأفراد او الدول في  حالة من النجاح الدائم ، لأنه في هذا العام السائل ، لم تعد القيمة ذات قيمة ، وتحولت القدرات إلى إعاقات. لذلك ، فإن الشروط والنظم التي كان من المفترض أن تثني على إنجازاتك تغيرت سريعا، واصبحت الانجازات التى توها حديثة بالية قبل أن يلاحظ النظام وجودها.

عام ٢٠٢٠ عامل سائل لأن العالم جميعا اجمع على حاله من عدم الاستقرار و اصبح كل فرد مهما كان جنسه او لونه يعيش في ظل حالة من عدم اليقين المستمر. أجبر هذا العام الأفراد على التحلي بالمرونة والقدرة على التكيف ، وأن يتم تعديلهم باستمرار وعلى استعداد لتغيير خططهم في أي لحظة ، والتخلي عن الالتزامات والولاءات دون ندم ، والبحث عن التغييرات التي تناسب وضعهم الحالي. عدم اليقين هو جوهر هذه الأوقات السائلة ؛ في حداثة السيولة ، يجب على الفرد التصرف وتخطيط الإجراءات وحساب المكاسب والخسائر المحتملة في ظل ظروف عدم اليقين المزمن. تعلم الفرد في هذه السنة السائلة التفكير بشكل كامل في  والبدائل و الخطط المحتملة البديلة.

تغير مفهوم `` القيمة '' في هذا العام ، ما اعتقد الناس أنه مهم وثابت والأهم تغير إلى الأبد ، أصبح مفهوم القيمة غير مقيد،ولكي تصبح كفرد ذو قيمة يجب أن تتغير حالتك من المقاومة العالية وقابلية الاستخدام الضعيفة إلى المقاومة المنخفضة وقابلية الاستخدام القوية. اي كلما كنت كفرد تتيح مساحات و تتقبل أفكار مختلفة  كلما كنت اكثر حظا في التكييف مع هذا الوباء.

ربما نتسأل لماذا كانت خطط الدول للتعامل مع الوباء غير فعالة و الجواب هو لأنها لا تعالج السبب الجذري لقلقنا ، و الحقيقة أن مؤسساتنا الوطنية والمحلية لم تعد قادرة على توفير الأمن لنا في أعقاب عدم الاستقرار الذي أحدثته الرأسمالية العالمية المتقدمة. .  بدلاً من ذلك ، تؤدي استراتيجيات الدولة في عصر الرأس المالية إلى زيادة مقدار القلق والخوف والعزل.

سيتركنا عام 2020 مع ما يسميه بومان "الهزات الوجودية" ، حيث لا يمتلك الناس شعورًا ثابتًا بهويتهم ، أو ما ينتمون إليه ، وبإحساس متزايد بالضعف. مع حلول العام الجديد ، لا يرى معظمنا المستقبل على أنه مكان مشرق للأمل ، بل نعتبر المستقبل سلسلة من الصعوبات التي يجب التغلب عليها ، والأخطار التي يجب حتما ولا بد سنواجهها. في الحياة السائلة في الحداثة السائلة ، لا يصبح هدف مشروع حياتنا هو تطوير أنفسنا ، ولا الفهم العميق لكيفية أن نكون إنسانيين ، ولكن بدلاً من ذلك ، تصبح أهدافنا الحياتية مقتصرة على تجنب الأشياء السيئة التي تحدث لأنفسنا. في هذه السنة السائلة من فيروس كورونا ، تقبل الأفراد حقيقة أننا لسنا أحرارًا تمامًا ، فنحن في الواقع ملزمون بالمشاركة في عملية التجديد المستمر لأن حياتنا الاجتماعية في تغير مستمر. 

٢٠٢٠ عام اثبت لنا ان المرونة هي الثبات الوحيد والزوال هو الدوام الوحيد و لا يقين هو اليقين الوحيد، و ربما اكثر الدروس المستفادة هو أنه كأفراد لا يمكننا محاولة الهروب من عالم لا نتحكم فيه

No comments:

Post a Comment

لماذا نعشق كرة القدم؟

  صادفتنيي تغريدة أحدهم مستنكرًا سبب “ هوس ” الناس بمبارايات كرة القدم لدرجة إلغاء مواعيدهم و أشغالهم في نفس توقيت ديربي م...